إضغط هنا للإطلاع على تقرير مفصل حول المناسبة
فتّشَ كثيرا عن نظارته وهو يتمتم أين وضعتها أين هي؟ بابا هذه نظارتك. استدار نحوها وقال لها: كيف تعرفين مكان أغراضي في كل مرة؟ قالت: لأني أراقبك طوال الوقت، وأعرف أنك كثير النسيان. نظر في عينيها وضمّها، ثم جاء صوت وضاع كل شيء. قالت أمها: جميل عندما تعرفين مكان أغراض أبيك، وأغراضك ترمينها هنا وهناك. قال أبوها متعجبا: لِمَ توبخين مها؟! أمسكت مها يد أبيها بقوة. قالت أمها: مها أين حذاؤك الأحمر؟ ردّت مها: لا أدري.
هل رأيت؟، تضيع مها كل شيء، وأنت تدافع عنها قال: سأشتري لها حذاءً آخر. قالت: دلالك الزائد لها سيفسدها. خرجت من الغرفة، وهي تتمتم ما هذا الرجل! أنا أربّي وهو يفسد.
هيّا إلى العم صالح لنشتري لكِ حذاءً جديدًا. سمعت الزوجة صوت الباب، نظرت.. إلى أين؟ إلى دكان العم صالح. سمعت نداء أبيها.. مها، مها.. توقفي. سأحملك، أجابت: أنا كبيرة. أمسك يدي لنساعد بعضنا بعضا.
كان البيت مرتفعا قليلا عن الأرض، حيث وضع أبو سعيد بعض الحجارة الكبيرة، وصفّها؛ لتكون سُلّمًا. لم يكن السُلّم مستويا كثيرا؛ لذلك خاف أبو سعيد على مها أن تتعثر.
صور الحب كثيرة، تستطيع تلك المضغة الصغيرة في الجسد أن تحتوي كل ذاك الحب، لا نعرف من أين يبدأ؟ وكيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ فالحب الذي تكنُّه الأم لأولادها يبدأ عندما تُخْلَقُ تلك العلقة في رحمها، ولا ينتهي أبدا. أما الحب الذي عاشه أبو سعيد مع ابنته مها فهو حبٌّ بدأ حين احتضن قطعة اللحم، وزاد حُبُّه يومًا بعد يوم.
الأبوّة التي منحتها مها لأبيها سعيد جعلته سعيدا بلا سعيد ، وبدوره منحها كل حُبِّه وعطفه، فلم يوفر كل ذاك الحب والعطف لأحد؛ لأنه اعتقد بأنه لن يرزق طفلا آخر؛ لأنه تزوج كبيرا وكذلك زوجته.
بدا عليه التوتر. يهز رجله، وينهض، ويجلس. يترقب ماذا ستضع له زوجته؟ أمّا مها فأمسكت يد أبيها، وقالت له: لا تقلق.
كانت دهشة مها من موقف أبيها مرعبة حينا، ومقلقة حينا آخر. لم تميز تلك الملامح التي ارتسمت على وجه أبيها، فهي ابنة السابعة.
البشرى البشرى يا أبا سعيد، لقد أتى سعيد، تهلل وجه أبي سعيد، واحتضن مها بقوة، كأنها المرة الأخيرة التي سيحضنها. ابتسمت شفتاها للفرح الذي كان يرقص في وجه أبيها، وأخفت الخوف في قلبها.
نقتل أحلامنا وأمنياتنا باليأس والتشاؤم، نحرم أنفسنا من الفوز بأحلام كبيرة؛ لأننا اكتفينا بأحلام وأمنيات محدودة. نثقل قلوبنا بأحزان هي في الأصل أفراح؛ هذا لأننا نرى أحزاننا وهمومنا من زاوية واحدة، والمصيبة الأكبر ننسى الدعاء والاستغفار.
أبو سعيد الذي دق ناقوس الحزن قلبَه، وضاقت عليه الدنيا حين رزق بمها، الطفلة البريئة، تبدل الحزن فرحا، حين نظر إليها من زاوية أخرى.
تمكن اليأس من أبي سعيد، ورأى أنه ليس هناك أمل، فطارت كل تلك الأحلام والأمنيات، وتوارت خلف جدران اليأس التي شيدها أبو سعيد في قلبه. وتلك الجدران أنسته الدعاء، ولو أنه رفع كفيه ودعا دعوة صادقة لوصلت إلى السماء.
دخل أبو سعيد البيت. أقفل الباب استقبلته مها كعادتها، حين كانت طفلة كانت تنتظر والدها خارج المنزل، تجلس على السُلّم المصنوع من الحجارة، وحين يطول غيابه تتسلى بالنزول والصعود، أو تقوم بعدِّ حجارة السُلّم. رفع يده.. نظر إلى مها، وألقى التحية، ردت: وعليكم السلام بسرعة، كأنها أكلت الميم. ما هذا يا أبي الذي تحمله؟، أين أمكِ وسعيد؟ أجابت: أمي في غرفتها نائمة، تقول إنها متعبة، وسعيد ها هو في تلك اللحظة دخل البيت وألقى التحية وجلس.
إضغط هنا للإطلاع على تقرير مفصل حول المناسبة
تصميم و تركيب واستضافة السيّد: أولاد الحاج إبراهيم إبراهيم بريد إلكتروني: ohbrahim@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة
التعليقات على المقالة 3
هاجر بوقنارة2م212/5/2024
انفال نجيمة قسم 2م1 11/5/2024
بن لخضر ندى 2م211/5/2024